نحتار كثيراً عندما نفكر في الفرق بين وظائف التسويق و وظائف المبيعات في المنشأة، و لتبسيط ذلك فلننظر إلى الأمر من خلال مخرجات وظائف التسويق و مخرجات وظائف المبيعات، بحيث يصبح من الأسهل أن يتم تحديد مدى حاجة المنشأة لكل منهما، و ذلك للتفاوت الموجود في هذه الحاجات حسب طبيعة النشاط و السوق و الأهداف
فمثلاً، قد يكون لدينا محل تجاري كبير بحاجة لشعرين بائعاً، و لاخصائي تسويق واحد فقط للقيام ببعض الأنشطة الترويجية، و قد يكون لدينا منشأة تقدم للعملاء خدمات التقييم و الجودة بحاجة لعشرة أخصائيي تسويق، و لموظف مبيعات واحد فقط لإرسال نماذج العقود للعملاء و لتنسيق إجراءات الدفع، و قد يكون لدينا منشأة مالية كبيرة يقوم فيها مدراء الحسابات بجميع أنشطة التسويق و المبيعات لخدمة أصحاب الحسابات التي يديرونها، و هلمَّ جراً
و من المهم أن نلاحظ في هذا السياق أن التمييز بينهما (بالمنظور الإداري و التنفيذي الأوسع) مرتبط بتصميم العمل و الذي هو من مخرجات عمل الموارد البشرية، و مرتبط أيضاً بنتائج دراسات الجدوى الإقتصادية التي تؤدي إلى تحديد الأهداف بمستوياتها المختلفة، و بنواحي أخرى أيضاً. إلا أننا سنقف هنا على وظائف التسويق و المبيعات على أساس أن المنشأة قائمة فعلاً و تمارس نشاطها في السوق
فلندخل بصلب الموضوع..
يهتم التسويق بتحديد الحاجات الموجودة لدى العملاء المستهدفين و التي تقوم المنشأة بالعمل على تلبيتها لهم (انقر لتغردها) و بمعرفة الكيفية أو المراحل التي تتكون خلالها هذه الحاجات، و أسبابها المختلفة، و المؤثرين فيها. و بالمقابل فإن المبيعات تهتم بأسلوب البيع المتقن، و بوضع استراتيجية محددة للاستجابة للفرص في السوق بفعالية عالية، لأنه بدون هذه الاستجابة سوف ينخفض حجم المبيعات نسبة إلى حجم الفرص التسويقية التي يتم توقعها و استهدافها أو توليدها
يجب أن تعمل وظائف أو أنشطة التسويق و المبيعات معاً بشكل فعال حتى و إن تم الفصل إدارياً أو هرمياً بين الإدارتين، فالتسويق يعمل على تأجيج الطلب و الإبداع بتوليد الفرص، لتقوم المبيعات بالاستقبال و إتقان التعامل بكل حرص و كفاءة (انقر لتغردها)
فالنشاط التسويقي يعمل بشكل استراتيجي من خلال منهجيات تسويقية مثل الإعلانات و العلاقات العامة و مواقع التواصل الاجتماعي و النشرات الترويجية.. إلخ.
في حين يركز نشاط المبيعات على التفاعل المباشر مع العملاء من خلال نقاط البيع أو الاجتماعات و الزيارات أو المكالمات الهاتفية، و أيضاً خدمات ما بعد البيع.. و ذلك على سبيل المثال لا الحصر
تشير بعض الدراسات إلى أنه من كل ثمانية أشخاص أو جهات يتم استهدافها من قبل التسويق.. ينتج عنها بالمعدل عميل محتمل واحد، هو الذي يقوم (بالتفاعل باهتمام) مع فريق المبيعات و يقترب من القيام بالشراء أو يشتري بشكل فعلي. كما تشير دراسات أخرى إلى أنه يجب أن يتعرض العميل المستهدف إلى أنشطة التسويق و المبيعات عدة مرات ليقترب أكثر في كل مرة من الإقدام على الشراء (انقر لتغردها)
كيف ذلك؟ مثلاً، إذا كنا نستهدف شركات المقاولات أو الإنشاءات لبيعهم ما لدينا من مواد أولية للبناء، فإن التسويق يكون بأن يتم إدراج الإعلانات في الصحف التي يتم الإعلان من خلالها عن المناقصات أو العطاءات، أو يكون بإدراج إعلانات إلكترونية على المواقع المهنية التي يقوم المهندسون بزيارتها، أو يكون من خلال إعلانات طرقية أو منشورات ترويجية تنفذ قرب نقاط بيع المعدات التي يشترون منها لعملهم..
و بالمقابل فإن المبيعات، كمثال، يكون باستهدافهم من خلال قاعدة بيانات أو لائحة أرقام هاتفية.. يتم تحضيرها ليتم الإتصال بهم و إجراء العرض، أو يكون من خلال القيام بزيارات لمقرات عملهم من أجل مقابلتهم مباشرة، أو يكون باستقبال اتصالاتهم و استفساراتهم بعروض محضرة بشكل حصري لهم
هذا التناغم بين التسويق و المبيعات سوف يزيد من حجم المبيعات المحققة و يرفع من قدرة المنشأة على الاستمرار و النمو في السوق (انقر لتغردها) و هذا التكامل هو ليس فقط من أجل زيادة الحيز أو المساحة التي يتعرض لها أفراد الشريحة المستهدفة من أجل الاقتراب بهم أكثر من إتمام الشراء، بل هو أيضاً لزيادة الفعالية الوظيفية و الإنتاجية لجميع وظائف التسويق و المبيعات في المنشأة
و تجدر الإشارة هنا إلى أن الاتصال التسويقي لا يتم فقط باتجاهين (بين المزود و العملاء) بل أصبح من الأجدر أن يتكلم العملاء معظم الوقت، و أبرز الأمثلة على ذلك هو منتديات منتجات و خدمات الشركات مثل منتدى جوجل و يوتيوب و آبل و أمازون و فيسبوك.. حيث يتم توجيه المنتجات و العروض إلينا بشكل فعال بناءً على التعليقات و الأسئلة التي يتم طرحها من خلال هذه المجتمعات الإلكترونية الافتراضية..
و يمكن لأي منشأة أن تحدد الطريقة التي تجعل من الاتصال التسويقي باتجاهين بعد أن تحدد الغرض منه و حسب إمكانياتها (انقر لتغردها)
إن النجاح في التسويق و المبيعات مرهون دائماً بالتناغم و التوازن بينهما، و بتبادل المعلومات بشكل مستمر وفق آلية تنظيمية مدروسة (انقر لتغردها)
للتواصل مع الكاتب إضغط هنا